منتديات مدرسة طية الابتدائية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مدرسة طية الابتدائية

منتديات علمية و ثقافية


    لغزواني الذي شُنِق في القاهرة بأمر صلاح الدين الأيوبي.

    avatar
    ابو جمانا
    الـــمــشــــرف الـــــعــــــام
    الـــمــشــــرف الـــــعــــــام


    عدد الرسائل : 223
    العمل/الترفيه : الـــمــشــــرف الـــــعــــــام
    تاريخ التسجيل : 03/01/2009

    لغزواني الذي شُنِق في القاهرة   بأمر صلاح الدين الأيوبي. Empty لغزواني الذي شُنِق في القاهرة بأمر صلاح الدين الأيوبي.

    مُساهمة  ابو جمانا الأحد 04 أبريل 2010, 12:21 am

    قد يبدو لكم من العنوان أن المراد به جذبكم إلى الدخول ليس إلا ، ولكن الموضوع حقيقي.
    إذن ما حكاية هذا الغزواني؟ وأين بلاد بني الغازي من صلاح الدين؟ وكيف عرفت بقصته؟ و...و...إلخ...............إليكم الخبر اليقين إن شاء الله.

    = الاسم:عمارة بن أبي الحسن الزيداني (من آل زيدان)
    = تاريخ ولادته ومكانها : عام 515هـ في بقعة (ام زرايب) في جبل مصيدة من جبال بلغازي.
    = عصره: العصر العباسي القرن السادس الهجري
    = العمل: يزاول التجارة والسياسة بين عدن وزبيد ومكة المكرمة ومصر.
    = الهوايات: التعلم والتعليم وقرض الشعر الفصيح بإجادة حسب شهادة النقاد.

    وقد أُطلق عليه في اليمن اسم عمارة الحكمي نسبة إلى الإمارة التي جاء منها وهي إمارة ابن طرف من آل عبد الجد الحكمي وكانت على عهد عمارة قد زالت ولكنها ما زالت تعرف بذلك الاسم فكل من جاءهم من هناك أطلقوا عليه لقب الحكمي، ثم لما ذهب إلى مصر أطلقوا عليه اسم عمارة اليمني باعتباره جاء من اليمن وكل ما كان جنوب مكة فهو يمن.
    وبهذا عُرف في المصادر العربية بعمارة الحكمي أو اليمني وليس الزيداني أو الغزواني.

    تلقى عمارة مبادئ العلوم في بقعة الزرائب في جبل مصيدة من بلغازي ثم دفعه حب العلم إلى الرحلة لينهل من بحوره الواسعة فانتقل إلى زبيد في اليمن حاضرة العلم والفكر والمعارف في عصره في جنوبي الجزيرة العربية قاطبة وعمره آنذاك خمس عشرة سنة أي عام 530 وبقي هناك إلى أن تخرج فيها ثم اشتغل بالتجارة بين عدن وزبيد وحج ومدح أمير مكة فأعجب به واصطفاه ثم بعثه في مهمة سياسية إلى بلاط الخليفة الفاطمي في القاهرة.
    وهناك مدح الخليفة الفاطمي الفائز بقصيدة طويلة ربما نورد بعضا من أبياتها لاحقا ثم عاد إلى المخلاف السليماني ومن ثم إلى زبيد وعدن وفي نهاية المطاف رجع إلى مصر ومكث بها إلى أن قُتل شنقا بأمر من صلاح الدين رحمهما الله عام 569هـ وعمره أربع وخمسون سنة.



    الحقيقة أن عمارة كان وفيا جدا لمن أحسن إليه فقد بدأت حاله تسوء في اليمن لظروف سياسية لا ناقة له فيها ولا جمل بل حُشر فيها حشرا ثم اتجه بعد ذلك إلى الملوك الفاطميين في مصر وكانوا عربا على طريقة ملوك العرب في الكرم والنوال فمدحهم ولقي عندهم بغيته ولكنه لم يتشيع ولم يرض بسب الصحابة رضي الله عنهم وله قصص وأقوال تشهد بذلك كما سنذكر لاحقا ولكن الحساد استغلوا وفاءه لمن أحسن إليه وإشادته بهم والتأسي على دولتهم الذي كان يهدف من ورائه إلى جعل صلاح الدين رحمه الله يغار منهم فيحسن إليه كما أحسنوا ، فمن ذكر إحسانهم إليه قوله:

    أيا أذنَ الأيام إن قلتُ فاسمعي
    .................................................. .... لنفثة مصدورٍ وأنَّة موجعِ
    تقاصرني خطوُ الزمان وباعُه
    ............................................. فضيّق من ذرعي وقصّـرَ أذرعي
    وأخرجني من موضع كنت أهله
    ........................................... وأسكنني بالجور في غير موضعي
    فيممت مصرا أطلب الجاه والغنى
    .................................................. ... فنلتهما في ظل عيش ممنع
    وزرت ملوك النيل أرتاد نيلهم
    ............................................... فأحمدَ مرتادي وأخصبَ مرتعي
    وفزت بألفٍ من عطية (فائز)
    .................................................. ..... مواهبه للصنع لا للتصنع
    ملوك رعوا لي حرمة كان نبتها
    ............................................ ... هشيما رعته النائبات وما رُعي
    مذاهبهم في الجود مذهب سنة
    ................................................ وإن خالفوني في اعتقاد التشيّع
    إلى آخرها وهي طويلة جدا ستجدونها في المرجع أدناه.
    ولكن إصراره على التغني بأمجادهم وفاءً لما لقيه منهم من إكرام وحسن جوار أغاظ صلاح الدين رحمه الله الذي قضى على دولتهم، وزاد من ذلك ما قام به الوشاة الذين يحسدون الشاعر على مكانته لدى الملوك فأوغروا صدر صلاح الدين عليه ونسبوا إليه أنه اشترك مع بعض المتعاطفين مع الدولة الفاطمية الزائلة على الاتصال بالإفرنج في القدس والتعاون معهم سياسيا وحربيا لإعادة الدولة الفاطمية. والله أعلم بالحقيقة، ثم إنه كان معروفا عنه الترفع وعدم الرضا بالهوان والتعامل مع غيره من مبدأ الندية حتى لو كان ملكا وهذا لا يرضي ولاة الأمر في كل زمان ومكان .
    وقد ارتاب الأيوبيون في بداية الأمر في أمره فجفوه ثم فيما بعد أقصوه عن الاتصال بهم ولما لم يجدِ ذلك معه قطعوا راتبه الذي لم يكن له سواه فساءت حاله وتظلم وشكى في قصائد عدة بعثها لصلاح الدين ولكن ذلك كله لم يغير من واقع الأمر شيئا بل إن تلك القصائد زادت من معاناته التي أدت به في نهاية المطاف إلى السجن مع رفقائه المتهمين في قضية الخيانة العظمى ومن ثم إلى حبل المشنقة عام 569هـ .
    ولكن هل كان ولاؤه للفاطميين نابعا من اتفاق في المذهب الاعتقادي كما قد يبدو من بعض أشعاره ؟
    الحقيقة أننا لو استنطقنا عمارة عبر نصوصه وأخباره فإن الإجابة سوف تكون بنفي أي علاقة بين ولائه لهم وبين اتباعه لمذهبهم الاعتقادي فمن ذلك قوله السابق:
    مذاهبهم في الجود مذهب سنة
    ................................................ وإن خالفوني في اعتقاد التشيّع
    وقوله منها لصلاح الدين مفتخرا ومعتزا بمواقفه في نصرة السنة مع وجود الإغراءات من قبل الفاطميين المتعصبين لمذهبهم :
    ألم ترْعَني للشافعي وأنتم
    .................................................. .... أجل شفيع عند أعلى مشفّع
    ونصري له من حيث لا أنت ناصري
    .............................................. بضرب صقيلات ولا طعن شرّع
    لياليَ لا فقهُ العراق بسجسجٍ
    ................................................. بمصر، ولا ريح الشآم بزعزع
    كأني بها من آل فرعون مؤمن
    .......................................... أصارع عن ديني وإن حان مصرعي

    ومنها حكاية تتناقلها كتب التراجم مفادها أن سيف الدولة ابن أبي الهيجاء توضأ فلم يغسل رجليه بل مسحهما حسب مذهبهم الإسماعيلي،فقام عمارة بصب الماء على رجلي الوزير ولكن الوزير جذب رجليه وهو يضحك. فقال عمارة إن كان الحق معكم في المسح فلا تعصي ولا تُعاقـََب يوم القيامة (لأنك زدت ولم تنقص) وإن كان الحق معنا في غسل الرجلين خرجتم من الدنيا بلا صلاة، لأنكم تركتم غسلهما وهو فرض، فكان سيف الدولة يقول بعد ذلك: والله لقد أدخلتَ الشك والوسواس عليَّ بكلامك في مسألة الوضوء.

    ويقول عمارة إنه كان عند الملك فجرى من بعض الحاضرين ذكر السلف بسوء فاعتمدت قوله تعالى ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) فانصرفت وغبت ثلاثة أيام ورسول الملك يأتيني كل يوم فاستوحش من غيبتي، فقلت : إنه لم يكن بي وجع، وإنما كرهت ما جرى في حق السلف وأنا حاضر، فإن أمر بقطع ذلك حضرت. فقال سألتك بالله ماالذي تعتقده في أبي بكر وعمر ؟ قلت أعتقد أنه لولاهما لم يبق ِ الإسلام علينا وعليكم، وأنه ما من مسلم إلا ومحبتهما واجبة عليه. فضحك، وبعد أيام بعث إليَّ برقعة فيها هذه الأبيات ومعها ثلاثة أكياس ذهب:
    قل للفقيه عمارة يا خير من
    ....................... ................. أضحى يؤلف خطبة وخطابا
    اقبل نصيحة من دعاك إلى الهدى
    .......................................... قل(حطة) وادخل علينا البابا
    تلق الأئمة شافعين ولا تجد
    .................................................. ... إلا لدينا سنة وكتابا
    وعليّ أن يعلو مكانك في الورى
    ........................................... وإذا شفعت إليّ كنت مجابا

    فأجبته مع رسوله بهذه الأبيات:

    حاشاك من هذا الخطاب خطابا
    ..........................................يا خير أملاك الزمان نصابا
    لكن إذا ما أفسدت علماؤكم
    ...........................................معمور معتقد وصار خرابا
    ودعوتمو فكري إلى أقوالكم
    ...........................................من بعد ذاك أطاعكم وأجابا
    فاشدد يديك على صفاء مودتي
    ............................................وامنن عليّ وسد هذا البابا
    ويؤكد سنيته المؤرخون ومنهم: ابن خلكان في الوفيات، والعماد الأصفهاني في خريدة العصر، وغيرهم.
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    المراجع:
    المرجع الأساس الذي اعتمدت عليه هو كتاب (التاريخ الأدبي لمنطقة جازان) لمحمد بن أحمد العقيلي ج1 ص ص (87 - 131) الطبعة الأولى1411هـ ، منشورات نادي جازان الأدبي.
    وفيه ذكر للمصادر والمراجع التي رجع إليها العقيلي ومن أهمها كتاب عمارة نفسه (المختصر في أخبار زبيد) وكتب أخرى ذكرها هناك.
    وفي كتاب العقيلي أخباره وكثير من أشعاره وتفصيلات أخرى كثيرة وجيدة لا يغني عنها هذا الاختصار وإنما أردت أن أطلعكم على جزء من تاريخ منطقتنا.
    أرجو أن تعودوا إلى الكتب المذكورة للاستزادة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 03 مايو 2024, 3:14 am