منتديات مدرسة طية الابتدائية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات مدرسة طية الابتدائية

منتديات علمية و ثقافية


    داء المحاكم .. التركيز على الجودة

    avatar
    ابو جمانا
    الـــمــشــــرف الـــــعــــــام
    الـــمــشــــرف الـــــعــــــام


    عدد الرسائل : 223
    العمل/الترفيه : الـــمــشــــرف الـــــعــــــام
    تاريخ التسجيل : 03/01/2009

    داء المحاكم .. التركيز على الجودة Empty داء المحاكم .. التركيز على الجودة

    مُساهمة  ابو جمانا الجمعة 17 يوليو 2009, 7:16 am

    داء المحاكم .. التركيز على الجودة

    هناك ملاحظات على أداء بعض القضاة في المحاكم العامة والجزئية، وقد أكد وجود تلك الملاحظات صاحب الفضيلة رئيس المجلس الأعلى للقضاء، حيث تناول معاليه ذلك في معرض حديثه عن توجه قادم وجاد نحو إنشاء محاكم متخصصة للجرائم المالية, وذلك بعد الانتهاء من التعديلات على نظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات كمرحلة أولية تسبق إنشاء المحاكم المتخصصة. وتركزت تلك الملاحظات حول الضعف في صياغة الأحكام، والتأخر في إصدارها، وانشغال القضاة بالأعباء الإدارية، وعدم استخدام التقنية.

    إن هذا التركيز على نقد الأداء يؤكد أن هناك اهتماماً بالجودة وعناية بتلك المخرجات التي تقدمها المحاكم للمجتمع بمفهومها الواسع، فالقضاء العام المتمثل في المحاكم العامة والمحاكم الجزئية وما يتم إنشاؤه من محاكم متخصصة تحت إشراف المجلس الأعلى للقضاء هو جزء من السلطة القضائية, بل هو الجزء الأكبر والأوسع اختصاصاً والأسبق في الوجود والأكثر احتكاكاً بالمجتمع ومصالحه الحقوقية العامة والخاصة.

    وجاءت هذه الملاحظات لتكون تشخيصاً دقيقاً لوضع القضاء العام وهي أساس سليم لتحديد وصفة الدواء التي ستصلح ما يجب إصلاحه وتطوير ما يجب تطويره واستحداث الأجهزة الجديدة والأنظمة والتعيينات التي تضع مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير القضاء موضع التنفيذ الدقيق الذي يأمله الجميع وينظرون إليه باعتباره منعطفا مهما في مسيرتنا التنموية والحضارية.

    إن الضعف في صياغة الأحكام والتأخر في إصدارها وانشغال القضاة بالعمل الإداري، وعدم استخدام التقنية تستحق أن يكون كل واحد من هذه الموضوعات عنواناً مستقلاً لبرنامج عمل شامل، فصياغة الأحكام لا تعكس مقدرة القاضي الحقوقية في إصدار الأحكام فقط, بل هي تعكس قناعته بما يصدره من أحكام وقدرته على إقناع الخصوم بعدالة قراره القضائي والتأسيس لحكم صالح لموافقة التمييز حالياً ومحاكم الاستئناف مستقبلاً، فالواقع يشهد أن الأحكام القضائية لا يحتوي معظمها على تسبب، حيث يعيد القاضي مذكرات ودفاع الخصوم ويأمر بنقلها حرفياً في الصك ثم يذيل ذلك بجملة مختصرة وهي أنه لما تقدم في الدعوى والإجابة فقد حكمت بكذا وكذا ثم يورد منطوق الحكم.

    هذا الأسلوب في صياغة الأحكام هو غاية في الضعف ويشمل غالباً عدم إعطاء الخصوم الفرصة في المناقشة ومعرفة على أي شيء بنى القاضي حكمه، فالحكم القضائي يجب أن تسبقه حيثيات ومبررات وتسبيب واستدلال للتأكيد على سلامة الحكم, ولأن هذا غير موجود إلا نادرا، حيث تحولت صياغة الأحكام إلى عمل روتيني مكرر ليس فيه أي اجتهاد ولو بالحد الأدنى الذي يمكّن الخصوم من الاعتراض وتأسيس عدم قناعتهم أو يمكّن التمييز من الاستئناف لإعمال دورها الرقابي.

    إن عدم تسبب الأحكام القضائية بوجه عام يسهم في تأخير إنهاء القضايا والدعاوى، حيث تقوم محكمة التمييز بإعادة معظم الأحكام وإبداء الملاحظات عليها لعدم دقتها وسلامتها فهي غير مقنعة وإعادتها تتطلب وقتاً إضافياً ثم تتردد القضية بين القاضي الذي قد يصر على حكمه ومحكمة التمييز التي لا ترضى سوى بالأحكام السليمة حتى تقرر سلامتها ومن ثم التصديق عليها.

    إن الأمل معلق على وجود محاكم استئناف يتم أمامها الترافع في القضايا والدعاوى من جديد, وفي هذا الإجراء ما يمنع من تداول القضية بين القاضي والتمييز، حيث سيكون لمحكمة الاستئناف الصلاحية الكاملة للحكم من جديد دون حاجة إلى العودة إلى المحكمة التي أصدرت الحكم أو حتى مناقشة القاضي أو إبداء الملاحظة على حكمه وفي هذا اختصار كبير للوقت والجهد سواء للخصوم أو للقضاة أو للمحامين الذين ربما عانوا ضعف صياغة الأحكام وكانت من ملاحظاتهم الدائمة على أداء المحاكم.

    إن انشغال القضاة بالأعباء الإدارية يستهلك الوقت ومن ثم يسهم كعامل رئيس في تأخر إصدار الأحكام, أيضاً عدم استخدام التقنية يسهم في التأخير لأنه تمسك غير مبرر بالكتابة اليدوية ونحوها من الأعمال التي تختصرها التقنية, بل تسهم في حفظها وتوثيقها وهي ليست بالظاهرة, لكن الأخطر من هذا كله تلك الملاحظة في ضعف صياغة الأحكام لأنها تمس العدالة والجودة وحقوق الخصوم والرقابة على القضاء, ورئيس المجلس الأعلى للقضاء يؤكد أنها ملاحظة يجب عدم استمرارها والعمل على التخلص منها, ومتى تحسنت الصياغة والتزم القضاة بتسبيب أحكامهم فإن ذلك يؤدي إلى الجودة التي هي الهدف الرئيس في تطبيق العدالة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 17 مايو 2024, 4:54 pm